تُعتبر كنيسة القديس ألكسندر نيفيسكي بمدينة بنزرت التونسية واحدةً من المعالم التاريخية البارزة التي تُجسد حقبة مهمة من تاريخ المنطقة وعلاقتها بالجالية الروسية الأرثوذكسية. تم تشييد هذه الكنيسة في بداية القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1937، لتخدم الجالية الروسية التي استقرت في المدينة بعد الثورة البلشفية في روسيا.
الخلفية التاريخية
بعد اندلاع الثورة البلشفية في عام 1917 وسقوط الإمبراطورية الروسية، هاجر العديد من الروس إلى الخارج، ومنهم مجموعة كبيرة من الضباط والجنود وأفراد عائلاتهم الذين كانوا يخدمون في أسطول البحر الأسود التابع للقيصر. عندما انهزم الأسطول أمام القوات البلشفية، لجأت حوالي 33 سفينة روسية تحمل آلاف اللاجئين إلى تونس، تحت حماية السلطات الفرنسية.
استقرت هذه المجموعة في مدينة بنزرت، التي كانت حينها تحت الحكم الفرنسي. ولضمان ممارسة شعائرهم الدينية والحفاظ على هويتهم الثقافية، قام الروس ببناء كنيسة صغيرة تكريماً للقديس ألكسندر نيفيسكي، أحد أبرز القديسين في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
العمارة والتصميم
تتميز الكنيسة بتصميمها المعماري البسيط الذي يجمع بين العناصر الأرثوذكسية الروسية والطابع المحلي. تظهر القبة الذهبية والأيقونات التقليدية في الداخل، ما يعكس تأثير الثقافة الروسية. ورغم صغر حجمها، إلا أن الكنيسة كانت مركزاً دينياً واجتماعياً للجالية الروسية في بنزرت.
الدور الثقافي والروحي
كانت الكنيسة أكثر من مجرد مكان للعبادة؛ فقد أصبحت رمزاً للهوية الثقافية والدينية للجالية الروسية في الغربة. كانت تُقام فيها القداسات والاحتفالات الدينية والمناسبات الاجتماعية التي تعزز الروابط بين أفراد الجالية.
الوضع الحالي
مع مرور الزمن ورحيل معظم الجالية الروسية من تونس، لم تعد الكنيسة تُستخدم للعبادة بشكل منتظم. ومع ذلك، ما زالت تُعتبر موقعًا تاريخيًا مهمًا، حيث يجذب الزوار الذين يرغبون في التعرف على جزء من التاريخ المشترك بين تونس وروسيا.
ختامًا
تمثل كنيسة القديس ألكسندر نيفيسكي رمزًا حيًا لتاريخ التعايش والتنوع الثقافي في تونس. وتبقى شاهدةً على فترة شهدت اندماج الجالية الروسية في المجتمع التونسي، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من التراث المشترك بين البلدين.
بعض الصور لكنيسة القديس ألكسندر نيفيسكي ببنزرت



مجموعة أخرى من الصورمن موقع خرائط قوقل